فصل: قال القنوجي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



1246- الحديث الْخَامِس وَالْعشْرُونَ:
عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قال: «من سره أَن يكون أكْرم النَّاس فليتق الله تعالى».
قلت رَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فِي كتاب الْأَدَب من حديث أبي الْمِقْدَام هِشَام ابْن زِيَاد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ ثني ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قال: «من أحب أَن يكون أَقْوَى النَّاس فَليَتَوَكَّل عَلَى الله وَمن أحب أَن يكون أكْرم النَّاس فليتق الله تعالى وَمن أحب أَن يكون أَغْنَى النَّاس فَلْيَكُن بِمَا فِي يَد الله أوثق مِنْهُ بِمَا فِي يَده» مُخْتَصر وَفِيه طول وَسكت عَنهُ وَتعقبه الذَّهَبِيّ فِي مُخْتَصره فَقال هِشَام بن زِيَاد مَتْرُوك انتهى.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عبد بن حميد وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَأَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مسانيدهم.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه.
وَعَن الطَّبَرَانِيّ رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ.
وَرَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي كِتَابه بِطُولِهِ وَأعله بِهِشَام بن زِيَاد وَقال لَيْسَ لهَذَا الحديث طَرِيق يثبت انتهى.
وَرَوَاهُ ابْن عدي وَضعف هِشَام بن زِيَاد عَن البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأحمد بن حَنْبَل وَابْن معِين وَوَافَقَهُمْ وَقال إِن الضعْف عَلَى رواياته بَين انتهى.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الزّهْد عَن الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى هِشَام بِهِ سَوَاء وَقال إِنَّهُم تكلمُوا فِي هِشَام بِسَبَب هَذَا الحديث وَإنَّهُ كَانَ يَقول أَولا حَدثنِي يَحْيَى عَن مُحَمَّد بن كَعْب ثمَّ ذكر بعد أَنه سَمعه من مُحَمَّد بن كَعْب وَهَكَذَا وجد فِي كتاب عَفَّان ثمَّ قال أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ وَأَبُو سعيد مُحَمَّد بن مُوسَى قالا ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب ثَنَا أَحْمد بن عبد الْجَبَّار العطاردي ثَنَا أبي ثني عبد الرَّحْمَن الضَّبِّيّ عَن الْقَاسِم بن عُرْوَة عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ ثني عبد الله بن عَبَّاس يرفع الحديث إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم... فَذكره بِنَحْوِهِ إِلَّا أَنه قدم وَأخر بعض الْأَلْفَاظ.
1247- الحديث السَّادِس وَالْعشْرُونَ:
عَن يزِيد بن شَجَرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال مر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي سوق الْمَدِينَة فَرَأَى غُلَاما أسود يُنَادي من يشتريني عَلَى شَرط أَلا يَمْنعنِي الصَّلَوَات الْخمس خلف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَاشْتَرَاهُ رجل وَكَانَ يُصَلِّي ورَسُول الله صلى الله عليه وسلم يرَاهُ عِنْد كل صَلَاة فَفَقدهُ فَسَأَلَ عَنهُ صَاحبه فَقال مَحْمُوم فعاده ثمَّ سَأَلَ عَنهُ بعد ثَلَاثَة أَيَّام فَقيل هُوَ لما بِهِ فَجَاءَهُ وَهُوَ ذمائه فَتَوَلَّى غسله وَدَفنه فَدخل عَلَى الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار أَمر عَظِيم فَنزلت يَعْنِي قوله تعالى إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم.
قلت هَكَذَا ذكره الثَّعْلَبِيّ والواحدي سَوَاء.
1248- الحديث السَّابِع وَالْعشْرُونَ:
عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سُورَة الحجرات أعطي من الْأجر بِعَدَد من أطَاع الله عَزَّ وَجَلَّ وَعَصَاهُ».
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ من حديث سَلام بن سليم الْمَدَائِنِي ثَنَا هَارُون بن كثير عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي أُمَامَة عَن أبي بن كَعْب قال قال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سُورَة الحجرات» إِلَى آخِره.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه الْمُتَقَدِّمين فِي آل عمرَان.
وَبِسَنَد الثَّعْلَبِيّ رَوَاهُ الواحدي فِي الْوَسِيط. اهـ.

.فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

.قال إلكيا هراسي:

سورة الحجرات:
قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} الآية: 1:
قيل: إنها نزلت في قوم ذبحوا قبل النبي، فأمرهم أن يعيدوا الذبح.
وعموم الآية النهي عن التعجيل في الأمر والنهي دونه.
ويحتج بهذه الآية في اتباع الشرع في كل ورد وصدر.
وربما احتج به نفاة القياس، وهو باطل منهم، فإن ما قامت دلالته فليس في فعله تقدم بين يديه.. وقد قامت دلالة الكتاب والسنة على وجوب القول بالقياس في فروع الشرع، فليس إذا تقدم بين يديه.
قوله تعالى: {إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهالَةٍ} الآية: 6:
فيه دليل على أن خبر الفاسق لا يعمل به.
قيل: وقد استثنى الإجماع من جملة ذلك ما لا يتعلق بالدعوى والجحود، وإثبات حق مقصود على الغير، مثل قوله: هذا عبدي، فإنه يقبل قوله.. وكذلك قوله: وقد أنفذ فلان هذا إليك هدية، فإنه يقبل ذلك.. كذلك يقبل خبر الكافر في مثله.
قوله تعالى: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ} الآية: 9.
فيه دلالة على جواز قتال البغاة، وأن ذلك من قبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنه أخذ علي رضي اللّه عنه قتال الفئة الباغية بالسيف، وكان معه كبار الصحابة:
وقال صلى الله عليه وسلم لعمار: «ستقتلك الفئة الباغية».
والذي ورد في الخبر عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ستكون فتنة القائم فيها خير من الماشي والقاعد خير من القائم».
وإنما أراد به الفئة التي يقتل الناس فيها من جهة الدنيا والعصبية والحمية، من غير إمام تجب طاعته.
قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} الآية: 10.
يعني أنهم إخوة في الدين.
وقوله: {فَأَصْلِحُوا}: يدل على وجوب الإصلاح عند التنازع بين المسلمين.
قوله تعالى: {لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} الآية: 11.
نهى اللّه تعالى بهذه الآية عن عيب من لا يستحق أن يعاب تحقيرا له، لأن ذلك هو معنى السخرية به، فأخبر أنه وإن كان أرفع حالا منه في الدنيا، فعسى أن يكون المسخور منه خيرا في الآخرة، وخيرا عند اللّه تعالى.
وقوله تعالى: {وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} الآية: 11.
قال أبو بكر رحمه اللّه: هو كقوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} أي لا يقتل بعضكم بعضا ولا يلمز بعضكم بعضا لأن المؤمنين كنفس واحدة فكأنه بقتله أخيه قاتل نفسه، وكقوله: {فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ} أي يسلم بعضكم على بعض.
واللمز: العيب، يقال لمزه إذا عابه، ومنه قوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ}.
فأما من كان معنيا بالفجور فتعينه بما فيه جائز، قال الحسن في الحجاج: اللهم إنك أنت أمته فاقطع عنا سنته، وفي رواية شينه، فإنه أتانا أخفش أعيمش يمد بيد قصيرة البنان، واللّه ما عرق فيها عنان في سبيل اللّه تعالى، برجل جمثه، ويخطر في مشيته، ويصعد المنبر فيهذر حتى تفوت الصلاة، لا من اللّه يتقى، ولا من الناس يستحي، فرقه اللّه تعالى وتحته مائة ألف أو يزيدون، لا يقول له قائل: الصلاة أيها الرجل.. ثم قال الحسن: هيهات واللّه، حال دون ذلك السوط والسيف.
قوله تعالى: {وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ} الآية: 11.
ذكر عن الحسن أنه كان أبو ذر عند النبي عليه الصلاة والسلام، وكان بينه وبين رجل منازعة، فقال له أبو ذر: «يا ابن اليهودية، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: أما ترى هاهنا بين أحمر وأسود ما أنت أفضل منه إلا بالتقوى»، قال فنزلت هذه الآية: {وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ}.
قال قتادة: ذلك لأن لا تقول لأخيك المسلم يا فاسق يا منافق.
والنهي يختص بما يكرهه الإنسان، فأما الأوصاف الجارية غير هذا المجرى فغير مكروهة، وقد سمى النبي عليه الصلاة والسلام عليا أبا تراب وقال لأنس: يا أبا الأذنين، وغير النبي عليه الصلاة والسلام أسماء قوم فسمى العاص عبد اللّه، وسمى شهابا هشاما، وسمى حزنا سهلا.
قوله تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} الآية: 12.
يدل على أنه لم ينه عن جميعه.
ففي الظنون ما هو محظور، مثل سوء الظن باللّه تعالى، وسوء الظن بالمسلمين الذين ظاهرهم العدالة.
وكل ظن استند العلم به إلى دليل يقيني، فالعمل به واجب، كالشهادات وقبولها وقيم المتلفات والأقيسة.
وقد يكون الظن مباحا، كقول أبي بكر لعائشة رضي اللّه عنها: ألقى في روعي أن ذا بطن خارجة جارية، فاستجاز هذا الظن لما وقع في قلبه.
وأما الظن المندوب إليه، فهو حسن الظن بالأخ المسلم.
ويجوز أن لا يظن الخير ولا الشر.
قوله تعالى: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} الآية: 12.
روى أبو هريرة «أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن الغيبة فقال: هي ذكرك أخاك بما يكره. قال: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ فقال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته».
وروى أبو هريرة «أن الأسلمي جاء إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وشهد على نفسه بالزنا، فرجمه رسول اللّه، فسمع صلى الله عليه وسلم رجلين من أصحابه يقول أحدهما للآخر: انظر إلى هذا الذي ستر اللّه عليه فلم يدع نفسه حتى رجم رجم الكلاب، فسكت عنهما ثم سار ساعة حتى مر بجيفة حمار شار شائل برجله فقال: أين فلان وفلان؟ فقالا: نحن ذا يا رسول اللّه، فقال: انزلا وكلا من جيفة هذا الحمار. فقالا: يا رسول اللّه، من يأكل من هذا؟ فقال: ما نلتما من عرض أخيكما أشد من الأكل منه والذي نفسي بيده إنه الآن في أنهار الجنة ينغمس فيها». اهـ.

.قال القنوجي:

سورة الحجرات ثمان عشرة آية.
وهي مدنية، قال القرطبي: بالإجماع.

.الآية الأولى:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (6)}.
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}: من التبيين.
وقرأ حمزة والكسائي من التثبيت فتثبتوا. والمراد من التبيين التعرف والتفحص، ومن التثبيت الأناة وعدم العجلة والتبصر في الأمر الواقع والخبر الوارد حتى يتضح ويظهر.
قال المفسرون: إن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط.
كراهة {أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهالَةٍ}: أو لئلا تصيبوا، لأن الخطأ ممن لم يتبين الأمر ولم يتثبت فيه هو الغالب وهو جهالة، لأنه لم يصدر عن علم.
والمعنى متلبسين بجهالة بحالهم.
{فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ}: بهم من إصابتهم بالخطأ.
{نادِمِينَ} (6): على ذلك مغتمين له مهتمين به.

.الآية الثانية:

{وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)}.
{وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}: باعتبار كل فرد من أفراد الطائفتين.
{فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما}: أي إذا تقاتل فريقان من المسلمين فعلى المسلمين أن يسعوا في الصلح بينهم ويدعوهم إلى حكم اللّه.
{فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ}: أي فإن حصل بعد ذلك التعدي من إحدى الطائفتين على الأخرى ولم تقبل الصلح ولا دخلت فيه، كان على المسلمين أن يقاتلوا هذه الطائفة الباغية، حتى ترجع إلى أمر اللّه وحكمه فإن رجعت تلك الطائفة الباغية عن بغيها وأجابت الدعوة إلى كتاب اللّه وحكمه، فعلى المسلمين أن يعدلوا بين الطائفتين في الحكم ويتحروا في الصواب المطابق لحكم اللّه ويأخذوا على يد الطائفة الظالمة، حتى تخرج من الظلم وتؤدي ما يجب عليها للأخرى.
ثم أمر اللّه سبحانه المسلمين أن يعدلوا في كل أمورهم بعد أمرهم بهذا العدل الخاص بالطائفتين المقتتلتين فقال: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (9) أي واعدلوا إن اللّه يحب العادلين، ومحبته لهم تستلزم مجازاتهم بأحسن الجزاء.
وقد أوضح الشوكاني ما هو الحق في هذا المرام في شرحه (نيل الأوطار للمنتقى)، وبسطنا الكلام على أحكام البغي والبغاة في شرحنا (مسك الختام لبلوغ المرام) فليرجع إليهما. اهـ.

.قال السايس:

من سورة الحجرات:
قال اللّه تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (6) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8)}.
اشتملت سورة الحجرات على إرشاد المؤمنين إلى مكارم الأخلاق، وبيّنت لهم أقوم الطرق التي يسلكونها في حياتهم الدنيا، وخير المناهج التي ينتهجونها في معاملتهم، فبيّنت لهم أنواعا من الأدب، تختلف باختلاف من تكون المعاملة معه.
وذلك أنه إمّا أن تكون المعاملة: مع اللّه تعالى، أو مع الرسول صلى الله عليه وسلم، أو مع غيرهم من بني آدم وهؤلاء على قسمين، لأنهم إما مؤمنين ملتزمين الطاعة، أو خارجين عن حدودها وهؤلاء هم الفاسقون. والمؤمن الذي التزم حدود الطاعة إما أن يكون حاضرا أو غائبا، فهذه خمسة أصناف.
وقد جاء خطاب المؤمنين ب {يا أيها الذين آمنوا} في هذه السورة خمس مرات، بيّن تعالى في كلّ مرّة مكرمة تتناسب مع من تكون المعاملة معه.
- فقال في جانب اللّه تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم إنما جيء به هنا لأنه الذي يوضّح طريق طاعة اللّه تعالى.
- وقال في جانب المعاملة مع الرسول صلى الله عليه وسلم: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ}.
- وقال في جانب المؤمن الخارج عن حدود الطاعة (الفاسق): {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}.
- وقال في جانب المعاملة مع المؤمنين الحاضرين: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ}.